حُكم طالبان.. كيف أصبحت أفغانستان بعد عام من سيطرة الحركة على البلاد؟
  • 2022-08-22

قالت منظمة العفو الدولية تقرير جديد لها إنه منذ سيطرة طالبان على أفغانستان قبل عام، شنّت الحركة هجومًا مستمرًا على حقوق الإنسان، واضطهدت الأقليات، وقمعت الاحتجاجات السلمية بعنف، وقمعت حقوق المرأة، واستخدمت عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري لنشر الخوف بين الأفغان.
كما حذّر تقرير فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع لمجلس الأمن الدولي من تنامي نفوذ داعش فرع خراسان، منوهًا إلى ما يمتلكه التنظيم من قدرات مالية وتحكمه في مبالغ هائلة من النقد تتراوح بين 25 و50 مليون دولار، بما في ذلك احتياطيات بالعملات الرقمية.
يأتي التقرير بعد أن دأبت حركة طالبان، منذ سيطرتها على الحكم في أفغانستان، على التهوين من خطر داعش وتقديم نفسها للمجتمع الدولي على أنها الجهة القادرة على تقويض التنظيم والحد من قدراته لكن مع تزايد الهجمات وعجز الحركة عن وقفها اعترف قادتها مؤخرًا بأن داعش خراسان يثير الفتنة وينشر الفساد.
وبدأ تنظيم داعش في خراسان العمل في أفغانستان في عام 2015. وقد أطلقه الباكستاني حافظ سعيد خان، الذي بايع زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في عام 2014
خطط قادة طالبان لتوظيف ورقة داعش والاستثمار فيها من خلال ترك هامش لحضوره في البلاد وعدم جعل مواجهته أولوية وتصديره كفزاعة للغرب، وإظهار أنفسهم أكثر اعتدالًا وقبولًا على المستوى الدولي دون إجراء الإصلاحات المطلوبة في ملفات حيوية.
كما استخدمت طالبان فرع داعش في أفغانستان عقب هيمنتها على السلطة كأداة لجلب المساعدات المالية والأمنية من دول الغرب والضغط على قوى غربية مختلفة، في مقدمتها الولايات المتحدة، للاعتراف بسلطتها بوصفها قوة قادرة على مواجهة حركة الجهاد العابر للحدود.
وأرادت طالبان تعزيز قبضتها على السلطة والضغط على الغرب للدخول في تحالف معه من خلال اللعب بورقة داعش لتعفي نفسها من تقديم تنازلات متعلقة بتشكيل حكومة شاملة وإجراء إصلاحات في مجال التعليم ومراعاة حقوق المرأة، لكنها لم تفلح في نيل ثقة كاملة من المجتمع الدولي.
ونجحت الحركة، التي تمسكت بسياساتها القديمة حيال المرأة وسلوكها في السلطة، في منع تقوية نفوذ داعش. لكنها تهاونت في مواجهته وتركت خطره يستفحل، وبات أحد الشواهد على ضعف نظام طالبان، بعدما وسّع التنظيم نفوذه ليشمل جميع مقاطعات أفغانستان تقريباً.
كما صعّد تنظيم داعش خراسان من وتيرة هجماته ، حيث نفذ تفجيرات انتحارية وكمائن واغتيالات. ونفذ داعش خراسان هجمات نوعية بداية من سبتمبر العام الماضي حتى أبريل المنقضي واستهدفت أبراج الكهرباء في جلال أباد وكابول ما تسبب في حرمان الملايين من الكهرباء في كابول وفي 11 مقاطعة أفغانية
في المقابل ,فإن لطالبان تاريخ من العلاقات الوثيقة مع القاعدة المنافسة للدولة الإسلامية. على الرغم من تعهد قادة طالبان في اتفاق عام 2020 مع الولايات المتحدة بمنع أفغانستان من أن تصبح ملاذًا للجماعات الإرهابية ، فإن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في كابول الشهر الماضي يبدو أنه يشير إلى العلاقات المستمرة بين البلدين بحسب صحيفة واشنطن بوست.
وقد سكتت واشنطن طوال عقدين عن انتهاكات الحكومات الموالية لها لحقوق الإنسان وعن الفساد المالي والإداري لحلفائها الأفغان تفضيلًا لهم عما اعتبرته الأسوأ منهم وهو حركة طالبان المدعومة من المخابرات الباكستانية في ذلك الوقت.
وأسهمت هذه السياسة مع إستراتيجية العسكرة المفرطة على مدى زمني طويل في استعادة طالبان لحضورها وقوتها الميدانية والعسكرية، وازداد عدد مقاتلي الحركة من ألفي مقاتل عام 2005 إلى 36 ألف مقاتل، وصولًا إلى استعادة الحركة السلطة، ما عُد هزيمة مُذلة للولايات المتحدة وحلفائها
وتستمر الآن سياسة تفضيل السيء على الأسوأ عبر تبني قناعة وهمية مفادها أن طالبان أكثر اعتدالًا من داعش والقبول بحكمها أهون الشرين.
وتؤكد ممارسات طالبان على الأرض زيف هذا التصور، بداية من استبعادها توزير النساء وإشرافهن على الحكومة وفصلهن من وظائفهن وحرمانهن من التعليم، وصولًا إلى طبيعة تعامل الحركة مع مختلف الأقليات العرقية.
ولم تشكل طالبان حكومة شاملة حيث يوجد عشرة في المئة فقط من الأعراق الأخرى من غير البشتون، العرق الذي يهيمن على طالبان، داخل الحكومة.