توجد مصطلحات ومفاهيم كثيرة في عالم السياسة، ولا سيما بعد التقسيمات الكثيرة التي شهدناها منذ عقود طويلة وما تزال مستمرة حتى الآن، فالتقسيم كان على أساس العرق، الدين، الهوية، الانتماء وأيضاً الفقر، وهنا يوجد بما يسمى "الجنوب العالمي" الذي يستخدم لتحديد البلدان ذات الدخل المنخفض على جانب ما يسمى خط التقسيم.
بدأت الهوية الجماعية للجنوب العالمي في الظهور بالجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1963، عندما بدأت الدول النامية وضع تعديلين مهمين على ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 من أجل تمثيل أكبر في أجهزة الأمم المتحدة، حيث أدت هذه التعديلات إلى زيادة عدد الأعضاء المنتخبين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من 6 إلى 10، وعدد الأعضاء المنتخبين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة من 18 إلى 27، وفي عام 1971، تم تعديل الميثاق مرة أخرى لزيادة عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى 54 عضواً يمثلون جميع المناطق الجغرافية في العالم.
وفي بداية عام 1964، أنشأ الجنوب العالمي منبره في الأمم المتحدة، والذي أطلق عليه اسم مجموعة الـ 77، سعت هذه المجموعة إلى إجراء إصلاحات هيكلية في الأمم المتحدة لدعم أولوياتها في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فاستجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 1965.
وفي تشرين الأول 1967، تم اعتماد ميثاق الجزائر في الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة الـ 77، ودعت إلى إنشاء نظام اقتصادي دولي جديد لتسريع تنمية الجنوب العالمي، ورداً على ذلك، أعربت العديد من البلدان المتقدمة عن قلقها إزاء تأثير التنمية السريعة على البيئة، وفي مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بالبيئة البشرية عام 1972، رفضت دول الجنوب العالمي مثل الهند هذه المحاولات لتقييد التنمية بسبب حماية البيئة، قائلة إن "الفقر هو أكبر ملوث".
في عام 1987، قدمت لجنة برونتلاند التابعة للأمم المتحدة تقريرها حول "التنمية المستدامة"، والذي نجح في التوفيق بين مطالب الجنوب العالمي لتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود في 2015، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، مع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
تمثل أجندة 2030 تعزيز أولويات الجنوب العالمي، من خلال تدفق الموارد المالية من المؤسسات المالية المتعددة الأطراف، ونقل التكنولوجيات المناسبة إلى الجنوب العالمي.
واليوم، تنعكس مخاوف الجنوب العالمي في التقييم الذي أجراه قادة العالم المجتمعون في قمة أهداف التنمية المستدامة التي عقدتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2023 بأن "تحقيق أهداف التنمية المستدامة في خطر" بسبب الأزمات العديدة التي تواجه العالم، وعلى رأس قائمة الأزمات يأتي تأثير جائحة كوفيد-19 غير المسبوقة والتصعيد الحاد في الصراعات العنيفة، وكلاهما أثر سلباً على أعداد كبيرة من الناس، لا سيما في الجنوب العالمي بالرغم من سعي زعماء الجنوب العالمي إلى إصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف حتى تتمكن من الاستجابة بفعالية للتحديات التي تواجه العالم اليوم، وينصب تركيزهم الحالي على قمة الأمم المتحدة للمستقبل التي ستنعقد هذا العام في نيويورك، سيكون هدف الجنوب العالمي من هذه القمة هو التكليف بعقد مؤتمر عام للأمم المتحدة في عام 2025، ويمكن لنتائج هذا المؤتمر، استنادا إلى الحوار والدبلوماسية، تنشيط الأمم المتحدة واستعادة سلامة الإطار الدولي المتكامل لتحقيق أهداف الجنوب العالمي