يتصاعد في تركيا مؤخراً اتجاه نحو التضيق على الفنانين المعروفين بمواقفهم اليسارية والإصلاحية, وأحيانا "شيطنتهم والتحريض" عليهم, وفق تقارير إعلامية.
أحدث الأمثلة وأبرزها هو الحملة الشعواء ضد أيقونة البوب التركية سيزين أكسو, التي جرى اتهامها بـ "الإساءة" للقيم الدينية, وذلك على خلفية مشاركتها لأغنية على مواقع التواصل.
رغم أن أكسو كانت قد طرحت أغنيتها " من الرائع أن تعيش" أول مرة عام 2017, إلا أن إعادة مشاركتها اليوم جلب لها انتقادات واسعة, وسط مطالبات بمحاكمتها بسبب مقطع من الأغنية قيل أنه حوى "إساءة" للنبي آدم وزوجته حواء
الانتقادات تحولت سريعاً إلى حملة تحريض وكراهية ضد أكسبو, بدأت بالتيارات المحافظة مروراً بالمسؤولين الحكوميين ووصلاً إلى استهدافها من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه.
في 21 يناير\كانون الثاني الماضي, أدى الرئيس التركي صلاة الجمعة في إسطنبول, ودأب أن يخرج بعد الصلاة مباشرة ليتحدث للصحفيين, لكنه اختار في ذلك اليوم القيام بشيء مختلف. تقدم الرئيس إلى المحراب وقال " لا أحد يمكنه أن يشوه سمعة نبينا آدم", ثم أشار بيده للمصلين " من واجبنا أن نتحرك ولا نسمح لأحد أن يهين أمنا حواء" وأضاف "علينا قطع ذلك اللسان"، في محاولة منه لإهدار دم المغنية، مستغلاً المزاعم حول أغنيتها.
وكالة الأناضول الحكومية وغيرها من وسائل الإعلام المحلية لم تنقل تصريحات الرئيس التي وصفت بأنها "تحريض صريح على الكراهية", إلا أنه تم الكشف عنها بعد انتشار فيديو التقطه أحدهم في المسجد.
إلا أن أكسو أصدرت بعدها أغنية جديدة قالت فيها " لا يمكنك قطع لساني", وخلال وقت قصير تم ترجمة الأغنية إلى أكثر من 30 لغة.
لكن تصريحات أردوغان كان لها وقعها وفجرت غضباً لدى الجماعات المتشددة والمقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم.
سريعا, احتشد عدد من أنصار الحركة الوطنية للإنقاذ المقربة من النظام الحاكم أمام منزل أكسو, مطالبين بمحاسبتها وسط صيحات الوعيد والتهديد. كان ذلك يجري دون أن تحرك السلطات ساكناً.
لاحقاً, تم رفع شكوى جنائية ضد مغنية البوب بدعوى " إهانة " القيم الدينية.
كما حذّر نائب المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون المحطات الموسيقية من أنها ستواجه عقوبات شديدة في حال إذاعتها أغنية " من الرائع أن تعيش ".
سيزين أكسو البالغة من العمر 67, ملقبة بملكة البوب التركية, وصفتها قناة NPR بأنها واحدة من أفضل 50 صوتاً على وجه الأرض
كما أنها من أشد المؤيدين لحقوق الأقليات ونضال المرأة من أجل المساواة والقضايا البيئية, وهي أيضا من الداعمين للإصلاح الدستوري.
أكسو لم تكن ضحية حملات الكراهية الوحيدة في تركيا لكنها كانت الأبرز, فشيطنة الفنانين المعروفين بمواقفهم اليسارية والإصلاحية ليس جديدا, إلا أن نمو هذه النزعة السريع مؤخراً أصبح خطراً ومخيفاً.
وسائل إعلام محلية نقلت عن أحد أشهر مؤلفي موسيقى البوب في تركيا - والذي فضل عدم كشف هويته – أنه "لا يستطيع التنفس هنا بعد الآن" وتساءل حول كيفية العيش في البلاد " فهو لا يرى إلا الكوابيس ".
قبل أيام, تعرض أيقونة موسيقى البوب تاركان تيفيتوغلو للتهديد من قبل المتعصبين, الذين ادعوا أنه كلمة " قفزة " في إحدى أغانيه كانت ترمز لرغبته في تدبير " انقلاب " في البلاد.
في غضون ذلك, قدّم عدد من السياسيين والمغنيين والممثلين والكتاب بياناً مشتركاً, أكدوا فيه دعمهم لسيزين اكسو, محذرين من أن البلاد تسير بسرعة للوراء, وأنها أكثر ما تشبه اليوم حكومة طالبان في أفغانتسان.
ذكر البيان أن " تجاوز السلطة وانتهاك القانون أصبح عادة في البلاد" وأضاف أن الحكومة " ابتعدت كثيراً عن مبادئ الديمقراطية ما أدى إلى الإضرار باستقلالية القضاء وكذلك ازياد حالات الاعتقال التعسفي"
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :