أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن تجويع الاحتلال الإسرائيلي لأهالي قطاع غزة سيترك آثاراً طويلة الأمد لا يمكن تداركها، وخاصة أن التقارير الدولية تفيد بأن أعداد ضحايا التجويع والأمراض المقترنة به قد تفوق عدد أولئك الذين استشهدوا جراء القصف خلال العدوان المتواصل على القطاع، منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وأصدر المرصد اليوم ورقة سياسات بعنوان “قطاع غزة.. مسرح لإبادة جماعية منذ السابع من تشرين الأول ومنطقة مجاعة محتملة في السابع من شباط” قدم خلالها تحليلاً للوضع الغذائي الكارثي في القطاع، ومؤشرات على بداية انتشار المجاعة، وخاصة في شماله مستنداً إلى تقارير أصدرتها جهات دولية مختصة في مقدمتها المبادرة العالمية الخاصة بـ “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي آي بي سي”.
وأشارت الورقة إلى ما خلصت إليه التقارير الصادرة عن آليات عمل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بأن القطاع يشهد أعلى نسبة من السكان الذين يواجهون مستويات عالية من عدم الاستقرار الغذائي الحاد في العشرين سنة الماضية، وأنه بحلول السابع من الشهر الجاري سيعاني نحو 53 بالمئة من سكانه من سوء التغذية الحاد، في حين سيعاني 26 بالمئة، أي نحو نصف مليون شخص من المجاعة، وازدياداً في حالات الوفاة الناتجة عن الجوع أو سوء التغذية أو الأمراض المرتبطة بهما.
ولفتت الورقة إلى أنه في أحسن الأحوال يتراوح معدل ما يسمح بدخوله إلى القطاع من مساعدات إنسانية ما بين 70 و100 شاحنة، اثنتان منهم فقط تدخل شمال القطاع، في حين كان عدد شاحنات البضائع والمساعدات التي تدخل القطاع قبل السابع من تشرين الأول هو 500 شاحنة على الأقل يومياً.
وقالت ليما بسطامي مديرة الدائرة القانونية في المرصد: إن هذه الإحصائيات بينة بذاتها، ولا تحتاج للكثير من التوضيح بأن ما يدخل القطاع لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات في ظل الحرمان الشديد والمتواصل من الغذاء والمياه الصالحة للشرب والدواء بفعل الحصار واتساع الاحتياجات، نظراً لما يواجهه الأهالي من ظروف غير إنسانية وإبادة جماعية وقطع للكهرباء والماء وإمدادات الوقود.
وأضافت بسطامي: إن الوضع يزداد تعقيداً لكون أهالي القطاع محاصرين داخله من كل الجهات، ما يحول دون قدرتهم على الإنتاج المحلي اللازم للبقاء على الحياة أو الحصول على الطعام من مصادر أخرى، مشيرة إلى أن إعلان حالة المجاعة بشكل رسمي في القطاع أو عدمه لا يغير من حقيقة انتشارها فيه، وخاصة في الشمال، وأنها أصبحت كارثة يموت بسببها الأهالي الآن.
وبينت الورقة أن “إسرائيل” ارتكبت جريمة تجويع المدنيين في القطاع كأسلوب من أساليب حربها، إلا أن إعلان المجاعة يعطي قرينة ظاهرة على ارتكابها جريمة التجويع كجريمة حرب قائمة بحد ذاتها أو كشكل من أشكال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في القطاع، الأمر الذي يمكن أن تكون له آثار مهمة في دفع عملية مساءلة “إسرائيل” ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين أمام محكمة العدل الدولية.
وطالب المرصد المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل من أجل الاستجابة السريعة ومنع تدهور الوضع الكارثي في قطاع غزة ورفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية على نحو عاجل وسريع، واستكمال تمويل وكالة الأونروا وزيادة الضغط على الاحتلال من أجل وقف عدوانه.