أكد السكرتير الثالث في بعثة سورية الدائمة لدى الأمم المتحدة إيلي عهد الطرشة أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشباب السوري اليوم هو الآثار الكارثية للتدابير القسرية أحادية الجانب غير المشروعة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سورية جراء ما تتسبب به من حرمان السوريين من التمتع بحقوقهم الأساسية والقدرة على امتلاك الفرص والحصول على احتياجاتهم المعيشية والخدمات الحيوية.
وحذر الطرشة في بيان خلال جلسة حول دور الشباب في مواجهة التحديات التي تواجهها منطقة البحر الأبيض المتوسط من الأثر النفسي والاجتماعي العميق لتلك التدابير القسرية الأحادية على الشباب السوري، وما يترتب عنها من قيود مجحفة على التجارة والتمويل والاستثمار تحد من القدرة على خلق فرص العمل وتؤدي إلى ازدياد معدلات الفقر والافتقار للاستقرار الاقتصادي وتدفعهم للهجرة واللجوء بحثاً عن فرص العيش.
وقال الطرشة: “أسوة بفئات المجتمع كافة يواجه الشباب في سورية الآثار الجسيمة للحرب الإرهابية وأعمال العدوان التي شنت عليها، والتي أضرت بمنجزات تنموية تم تحقيقها على مدى عقود وألقت بآثارها السلبية على الشباب فغيرت مسار حياتهم من خلال الدفع بأعدادٍ منهم للذود عن وطنهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية أو الانخراط في العمل التطوعي والإغاثي من خلال المؤسسات الوطنية والجمعيات الأهلية، أو هجر مقاعد الدراسة والبحث عن مصادر رزق لإعالة ذويهم أو الوقوع ضحايا لعصابات الاتجار وتهريب البشر والمخاطرة بأرواحهم لعبور البحر المتوسط في قوارب مكتظة غير صالحة للإبحار، وغالباً ما ينتهي بها الأمر بالتحطم والغرق”.
وأوضح الطرشة أن التحديات التي يواجهها الشباب تتفاقم جراء ما يمثله الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وللأراضي العربية من تهديد للسلم والأمن في المنطقة، واستمرار الوجود العسكري الأمريكي والتركي اللاشرعي على أراضي الجمهورية العربية السورية، وما ترتكبه تلك القوات وأدواتها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية من ممارساتٍ إجرامية ونهبٍ للثروات الوطنية، ما يخلف آثاراً اقتصادية خطيرة تطيل أمد الأزمة وتزيد من معاناة السوريين.
وبين الطرشة أن تلك التحديات تتفاقم أيضاً جراء تسييس العمل الإنساني وتراجع التمويل، والدعم له ولمشاريع التعافي المبكر وسبل العيش التي من شأنها تمكين الشباب من امتلاك القدرة على صنع مستقبلهم والمساهمة الفاعلة في دفع عجلة الاقتصاد، وإعادة بناء ما دمره الإرهاب.
وأشار الطرشة إلى أن الحكومة السورية وعلى الرغم من التحديات الجسيمة التي تواجهها أولت اهتماماً بالغاً لتفعيل دور الشباب ومشاركته في الشأن العام وبناء المجتمع انطلاقاً من إيمانها بالدور المحوري لهم بصفتهم عوامل تغيير وتقدم نشطة في المجتمعات.
ولفت الطرشة إلى أن سورية تتطلع لدعم الدول الأعضاء لجهودها الرامية لتحسين أوضاع السوريين كافة، وفي مقدمتهم الشابات والشباب من خلال توفير الدعم اللازم للارتقاء بالأوضاع الإنسانية والمعيشية وبسط سلطة الدولة على كل الأراضي السورية، وتعزيز سيادة القانون وزيادة مشاريع التعافي المبكر، وسبل العيش والبرامج الرامية لتمكين الشباب والمرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين ودعم الفئات الهشة بما فيها الجرحى وذوي الإعاقة والنازحين وضحايا الإرهاب وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين ووضع حد لأي ممارسات سلبية وأعمال تحريض وتمييز وكراهية وعنف قد تطولهم في الدول المضيفة.
وشدد الطرشة على أهمية التعاون الدولي لمواجهة خطر استعمال التقانات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي للتغرير بالشباب وتجنيدهم في صفوف التنظيمات الإرهابية، ونشر خطابات الكراهية والتطرف والتحريض على العنف والإرهاب، مؤكداً على ضرورة الاستفادة من القوة الدافعة والعزيمة الصلبة التي يمتلكها الشباب لنشر القيم الإنسانية والحضارية، ومواجهة إيديولوجيا التطرف والإرهاب وتكريس ثقافة السلام والاحترام والتضامن بين الشعوب والثقافات والأديان.
وختم الطرشة بيانه بالقول: “لا بد من الإقرار بالدور المحوري الذي يلعبه الشباب ليس فقط كنواة للمستقبل ولكن كعناصر تغيير فاعلة في الوقت الحاضر”.
معتبراً أن تعزيز البيئة التي تنهض بإمكاناتهم وتضمن مشاركتهم في عملية التنمية ليست مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة استراتيجية لوضع الأساس لمستقبل أكثر ازدهاراً ينتصر فيه الحوار على الخلاف والأمل على اليأس.