أكدت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان المهندسة سمر السباعي ضرورة تعزيز الدعم وتوفير التمويل الكافي لسورية ودعم برامجها الوطنية ذات الصلة بالمسألة السكانية، ودعم مشاريع التعافي المبكر وإعادة الإعمار لمعالجة العقبات المادية والاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون عودة اللاجئين والمهجرين، مشيرة إلى أن تمكين النساء والفتيات وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز الحماية الاجتماعية هي السبيل للنهوض بالمجتمعات وتحقيق الرفاه والازدهار بما يتواءم مع أهداف التنمية المستدامة.
وقالت السباعي رئيسة وفد سورية المشارك في الدورة الـ 57 للجنة السكان والتنمية في الأمم المتحدة في بيان اليوم خلال جلسة النقاش العام: يحمل هذا الخطاب في طياته تجربة بلد مر بمرحلة استثنائية واجه فيها حرباً شنتها دول دعمت مجموعات إرهابية لتدمير القيم الإنسانية والأخلاقية التي قام عليها المجتمع السوري، تلتها الممارسات غير الإنسانية للقوات الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية بشكل غير شرعي ومن تدعمهم في شمال وشرق سورية لتنتقص من تمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية، هذا إلى جانب فرض إجراءات قسرية انفرادية غير شرعية فاقمت من ضعف الفئات السكانية الأكثر هشاشةً، مثل المهجرين والنازحين داخلياً، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، وحرمتهم من أدنى حقوقهم المتصلة بالصحة والتعليم والغذاء، وأسهمت في تدمير إنجازات عقود من التنمية وبناء الإنسان.
وأوضحت السباعي أنه بقدر ما كانت التحديات استثنائية بقدر ما تطلب ذلك جهوداً حثيثةً لمواجهتها من أجل الحفاظ على القيم الإنسانية والأخلاقية التي قام عليها المجتمع السوري عبر تاريخه الحضاري الطويل، والتي عملت وتعمل قوى الإرهاب على تدميرها بهدف نشر الجهل والتخلف ومحاربة القيم الأسرية والاجتماعية، حيث نؤمن في سورية أن الحفاظ على الأسرة وتمكينها أساس قوة المجتمع، والأسرة هي التي تمثل الشكل الفطري السليم والوحيد لمجتمع متماسك معافى قادر على مواجهة التحديات والمتغيرات.
وأشارت السباعي إلى الجهود المبذولة والخطوات التي اتخذتها سورية فيما يتعلق بالقضايا السكانية التنموية عبر جملة من التدابير العملية تتمثل بالسعي الدائم إلى تقديم كل أشكال الرعاية الصحية وخدمات الصحة الإنجابية المجانية للنساء والفتيات، مع التركيز على المناطق الريفية البعيدة، إضافة إلى تطوير التشريعات والقوانين والإجراءات للحد من التمييز، وتعزيز العدالة وتكافؤ الفرص في جميع المجالات بهدف تحقيق العدالة بين الجنسين، حيث صدر قانون حقوق الطفل عام 2021، ويتم العمل على إعداد مشاريع قوانين لحماية كبار السن والحد من العنف الأسري ورعاية الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولفتت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان إلى أنه في المجال الاقتصادي يتم العمل على دعم ريادة الأعمال للشباب من الجنسين عبر خلق فرص عمل جديدة، وإيجاد مصادر مستدامة للدخل، إضافة إلى إقامة برامج تدريبية وخاصة للخريجين الجدد، موضحة أن المؤسسات الحكومية المعنية تولي أهمية كبيرة لمسألة اللاجئين والمهجرين وتعمل من أجل عودتهم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي والأهلي، ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في سورية، حيث شكلت الدولة هيئة التنسيق لعودة المهجرين بالقرار 46 لعام 2018، وتم تأطير مهامها من خلال التنسيق مع الجهات المعنية المحلية والعربية والأجنبية لتأمين الظروف الملائمة لتبسيط وتسهيل عودة اللاجئين إلى أرض الوطن، والسعي إلى توفير سبل العيش الكريم وفق الإمكانات المتاحة.
وبينت السباعي أنه تم تشكيل لجنة وطنية للسكان برئاسة رئيس مجلس الوزراء تضم في عضويتها وزارات وجهات معنية بالملف السكاني، وتعمل الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بصفتها الأمانة الفنية للجنة الوطنية للسكان على مأسسة الجهود وتوحيدها ضمن رؤية تنموية مستدامة تستهدف الجنسين، يتم تنفيذها في إطار شراكة فاعلة وحقيقية بين الجهات المعنية بقضايا السكان، وبهدف تعزيز مبدأ العدالة بين الجنسين ومنع التمييز، والحد من أوجه العنف الاجتماعي القائم على أساس الجنس، كما تدير الهيئة وحدة حماية الأسرة باعتبارها أول مركز حماية للنساء في سورية يقدم خدمات داخلية وخارجية متكاملة، إضافة إلى خدمات المشورة والإحالة للأسر والأفراد عبر خدمة خط المساعدة المتاح على مدار الساعة مجاناً، وتم إعداد استراتيجية وطنية لرعاية كبار السن وحمايتهم.
وجددت السباعي التأكيد على التزام سورية ببرنامج عمل عام 1994 وأن تمكين النساء والفتيات، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز الحماية الاجتماعية السبيل للنهوض بالمجتمعات وتحقيق الرفاه والازدهار، بما يتواءم مع أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن تحقيق التنمية السكانية يتطلب من المجتمع الدولي الرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية الانفرادية غير الشرعية والمخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان، إضافة إلى الانسحاب الكامل وغير المشروط من الأراضي السورية، ووقف سرقة ثروات الشعب السوري وخيراته التي تقوم بها القوى المحتلة علناً، والتعويض عن الأضرار التي سببتها هذه الأفعال التي تخالف أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وتنتهك سيادة الدول وسلامتها الإقليمية.
وشددت السباعي على الحق السيادي للدول باختيار أنظمة الضمان الاجتماعي الخاصة بها والتأكيد على أهمية دور الأسرة في المجتمع كما وردت في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومراعاة الخصوصية الاجتماعية لكل دولة وعدم محاولة فرض أي أفكار تتناقض مع ثقافتها الوطنية والاجتماعية، ووجوب إحلال الحق في التنمية الذي يضع الإنسان في مركز جهود التنمية، ويعترف بكرامته وقيمه المتأصلة، ويسعى إلى تحسين نوعية حياة الناس، وضمان الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم والتوظيف وصولاً نحو التنمية المستدامة، إضافة إلى تعزيز الدعم وتوفير التمويل الكافي لسورية، ودعم برامجها الوطنية ذات الصلة بالمسألة السكانية، ودعم مشاريع التعافي المبكر وإعادة الإعمار لمعالجة العقبات المادية والاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون العودة والاستقرار للمهجرين.
وأكدت السباعي أهمية العمل والتعاون المشترك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يضمن حصول الشعوب على فرص متساوية للوصول إلى الموارد والمشاركة في تشكيل السياسات التي تعزز التقدم المستدام، مبينة أنه من خلال وضع الكرامة الإنسانية في المقدمة والتصدي للتحديات الفريدة التي تواجهها الدول النامية، يمكن العمل من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للجميع.
وفي السياق ذاته شارك الوفد برئاسة المهندسة السباعي وعضوية نائب مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور الحكم دندي وخبير قضايا السكان في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان وضاح الركاد في الاجتماع الذي نظمته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية “إدارة السياسات السكانية- الأمانة الفنية للمجلس العربي للسكان والتنمية” على هامش أعمال الدورة الـ 57 للجنة السكان والتنمية، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا كحدث جانبي بعنوان “استعراض العقبات القائمة والمستمرة لإعادة تموضع جدول أعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في سياق الاتجاهات الكبرى والتحديات الجديدة في البلدان العربية”، بهدف الخروج بمجموعة من التوصيات القابلة للتنفيذ لإعادة تموضع جدول أعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في البلدان العربية بناء على قرارات نقدية للتقدم المحرز، والفجوات والعقبات القائمة والمستمرة والآثار والفرص التي خلفتها الاتجاهات الكبرى المتعددة.