تدمير واسع النطاق للأراضي الزراعية والمساحات الخضراء جراء العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي حسب ما كشفته صور للأقمار الصناعية وخبراء وشهود عيان من داخل القطاع.
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ذكرت في تقرير لها أن الزراعة في قطاع غزة تعرضت لدمار هائل وفقاً لصور الأقمار الصناعية التي أظهرت مدى الأضرار التي لحقت بالقطاع جراء “الغارات الجوية والجرافات “الإسرائيلية” التي دمرت المزارع والبساتين، كما ذبلت المحاصيل بعد ان هجر المزارعون حقولهم بحثاً عن الأمان وتركت الماشية لتلقى حتفها”.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن الأسر في غزة اعتمدت على الإنتاج المحلي في أكثر من 40 بالمئة من الفواكه والخضراوات حتى عام 2022، وحالياً يشعر خبراء الإغاثة بالقلق من ان الأضرار التي لحقت بالزراعة في غزة ستكون طويلة الأمد وحسب وكالات الإغاثة فإن سلسلة التوريد للزراعة انهارت بالكامل كما تعطلت عملية إنتاج الغذاء.
عارف حسين كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية “بي بي سي” إنه “في ظل الظروف الحالية نزح معظم السكان.. من سينتج الغذاء؟ من سيعمل في الأسواق أو خطوط التجارة أو سلاسل التوريد؟ ونتيجة لذلك.. الجميع تقريباً في غزة يعانون من أزمة أو أسوأ مستوى من انعدام الأمن الغذائي ومن بين هؤلاء الأشخاص يعاني الكثيرون من مستويات كارثية من الجوع” محذراً من أن “الأمر وصل لأسوأ حالاته”.
ووفقاً لمركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة “يونوسات” تراجعت صحة وكثافة الأراضي الصالحة للزراعة في غزة حيث كانت الزراعة تمثل ما يقرب من نصف إجمالي مساحة أراضي القطاع قبل العدوان الأخير وقد تضرر الآن 45 بالمئة من تلك الأراضي الزراعية.
هي يين محلل صور الأقمار الصناعية والأستاذ المساعد في جامعة ولاية “كينت” ذكر أن “ما يقرب من نصف أشجار الزيتون والفاكهة في القطاع تضررت أو دمرت حتى الـ 3 من نيسان الماضي وفي شمال غزة يمكن أن تصل الخسائر إلى ما يصل إلى 71 بالمئة”.
كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ماكسيمو توريرو حذر من أن مستوى انعدام الأمن الغذائي وصل إلى مرحلة حرجة وأن هناك الآلاف من الأرواح وربما مئات الآلاف من الأرواح معرضة الآن للخطر.
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن اثنتين فقط من محطات تحلية المياه الثلاث تعملان جزئياً ويعيش العديد من سكان غزة على المياه قليلة الملوحة.
وكان عبد الحكيم الواعر الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” للشرق الأدنى وشمال إفريقيا حذر في آذار الماضي من أن قطاع الزراعة في غزة دخل بالفعل مرحلة الانهيار مع استمرار الأوضاع الراهنة.
وأوضح الواعر في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة أنه مع تحول كل الناس في غزة تقريباً إلى الاعتماد على المساعدات الانسانية نظراً لعدم تمكن أي من المنتجين والمزارعين من الانتاج المحلي صارت هناك حالات كبيرة من سوء التغذية ولها آثار وخيمة وتسبب أمراضاً مزمنة للأطفال على وجه الخصوص وأن غياب العناصر الغذائية والخضراوات الطازجة سيسبب إعاقات ومشاكل صحية كبيرة وكل هذا يؤدي إلى المجاعة.
ووفقا لتصريحات سابقة لرئيس المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة سلامة معروف “هناك خسارة لكل المزروعات بسبب عدم قدرة المزارعين على الوصول لأراضيهم لسقايتها ومتابعتها وحتى لو وصلوا فلن يستطيعوا تشغيل الآبار لعدم وجود الوقود والكهرباء” كما أشار إلى “نفاد علف الدجاج وبالتالي نفوق الدواجن”.
تقرير حقوقي صدر عن “وكالة الأبحاث اللندنية فورنسيك اركيتكتشر” عام 2019 كشف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت تستهدف أراضي قطاع غزة المحاصر بمواد كيميائية تدمر الحقول والمزروعات مدعية أنها مبيدات زراعية حيث قامت من عام 2014 حتى 2018 بثلاثين عملية رش لمواد كيميائية من الجو خلال خمس سنوات بالقرب من أطراف القطاع ما تسبب بأضرار جسيمة بالمحاصيل ومناطق رعي المواشي والتربة والمزارعين وأهالي القطاع بشكل عام.